الأربعاء، 13 مارس 2019

الصناديق الوقفية والقطاع الخيري


خطوة جادة، تلك التي أقدمت عليها الهيئة العامة للأوقاف، عندما بدأت في اعتماد منتج الصناديق الاستثمارية الوقفية، هذه الخطوة السابقة في تنظيم العمل الخيري وتعزيز القدرات المالية للجهات الخيرية أو الوقفية، حتى يمكنها القيام بكل ما تطمح به من برامج وخطط تصب في صالح الجهات التي تحتاج إلى الدعم، ورغم مرور فترة على اعتمادها، إلا أنه حتى هذه اللحظة، فإن عدد الصناديق الوقفية متواضع جداً.

ولكن من ناحية أخرى، قد يكون الأمر عادياً، خاصة إذا عرفنا أن منتج الصناديق الاستثمارية الوقفية ما زال جديداً، ويحتاج إلى فترة من الوقت، حتى تتعرف عليه الجهات المستفيدة، ومن ثم تبدأ في تفعيله والاعتماد عليه لتأمين الموارد المالية.
وكما ذكرت في مقال سابق، بأن منتج الصناديق الاستثمارية الوقفية يقوم بدور محوري في المحافظة على أصول الوقف ودعم الجمعيات الخيرية والمؤسسات غير الربحية، اليوم لدينا في المملكة أكثر من 70 شركة مرخصة من هيئة السوق المالية في نشاط إدارة الصناديق، فضلاً عن عدد كبير من المنظمات الخيرية، وأعتقد أنه جاء اليوم كي تعمل هذه المنظمات مع مديري الصناديق لإنشاء صناديق وقفية، تحت مظلة هيئة السوق المالية وهيئة الأوقاف، وتدار هذه الصناديق من قبل مديري الصناديق المرخص لهم، ويحق لهذه الصناديق أن تشتمل على مختلف أنواع الأصول التي ترغبها الجهة الوقفية أو الخيرية، مثل الأصول العقارية أو الأسهم أو الاستثمار في صناديق أخرى.
انتشار منتج الصناديق الاستثمارية الوقفية في المملكة تحديداً، يجب أن يكون الأكبر مقارنة بالدول الأخرى، ويرجع ذلك إلى أن القطاع الخيري في المملكة يشهد نمواً ملحوظاً في حجمه، ومن ناحية عدد الأوقاف وأعداد المستفيدين منها، ومن حيث الأموال الطائلة التي تجمعها وتنفقها على أوجه الخير المختلفة.
اليوم.. يعد العمل الخيري الذي تقوم به الجمعيات الخيرية في المملكة، قطاعاً اقتصادياً قائماً بذاته، وهو جزء لا يتجزأ من منظومة الاقتصاد السعودي، وإن كانت أغلب هذه المساعدات الخيرية موجهة لأغراض استهلاكية ضرورية، ولكن هناك أيضاً برامج تنموية وخدمات تقوم بها هذه الجمعيات، مثل التعليم والصحة وحفر الآبار وغيرها، ومثل هذه البرامج تحتاج إلى مصادر دخل ثابتة ومستدامة، هذه المصادر يمكن أن تؤمنها الصناديق الاستثمارية الوقفية، إذا ما تم انتشارها كما نأمل ونتوقع.
وتقفز إلى ذهني قصة للعمل الخيري النموذجي، وتعود هذه القصة لشركة "رولكس" التي تصنع الساعات، هذه الشركة عبارة عن منظمة غير هَادفة للربح، فهي تحصد أكثر من 4 مليارات دولار سنويًا، لا تذهب لأحد، بل يُعاد تدويرها في مشروعات خيرية، مثل الإنفاق على التعليم أو مشروعات بحثية أو لتطوير ساعات رولكس نفسها. المؤسس "هانس ويلزدورف" حرص من بداية تأسيس "رولكس" على أن يذهب جزء من الأرباح إلى الأعمال الخيرية، والآن "رولكس" مملوكة بالكامل لمؤسسة غير هادفة للربح تحمل اسمه.
تم نشر هذا المقال في  جريدة الرياض بتاريخ 11-02-2019

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق